انطلاقاً من اعتقاده الصریح بالإمامة٬ ینظر المذهب الإسماعیلی إلى الغدیر نظرة خاصة بوصفه انعکاساً لإمامة الإمام علی (علیه السلام). تشیر أقدم المصادر فی التراث الإسماعیلی إلى هذا الاهتمام. و بعد قیام الدولة الإسماعیلیة و صعودها إلى مستوى الخلافة و الإمبراطوریة الفاطمیة و اتّخاذها من شمال أفریقیا (تونس الحالیة) عاصمة لها٬ و القاهرة لاحقاً٬ تحوّل تکریم یوم الغدیر إلى أحد المناسبات و الأعیاد الخاصة عند الإسماعیلیین. و یبیّن ما وصلنا من المصادر التاریخیة فی هذا الصدد عظمة احتفالات الغدیر و طقوسه فی مصر٬ و کذلک فی بلاد الشام و الیمن٬ و ما یتضمنه هذا الیوم من عبادات خاصة مثل الصلاة و الدعاء فی لیلة الغدیر و نهاره٬ و التصدّق٬ و نحر الأضاحی٬ و انطلاق الاستعراضات العسکریة بحضور الخلیفة و سائر المسؤولین٬ و تقدیم الصلات و الهدایا٬ کلّ هذه من الشعائر الفاطمیة التی کانت تقام فی هذا الیوم. کما تعدّ خطبة العید واحدة من الشعائر المشهورة فی احتفالات الغدیر فی ذلک الوقت٬ و التی کانت تشکّل مناسبة للقیام بمراجعة تاریخیة للغدیر و تعلیم المعارف و الطقوس الشیعیة. التراث الشعری الفاطمی فی موضوع الغدیر هو من بین المحاور التی سنتناولها فی هذه المقالة.

یعد تبیین موضوع الغدیر أهم حدث شهدته الساحة الشیعیة ورمزاً التشیع، لدی علماء الأندلس کأقصی غرب العالم الإسلامی والنقطة النائیة من هذا العالم المترامی الأطراف، فکانت له أهمیة بالغة. تسعی هذه الدراسة أنّ ترد علی سؤال حول موضع هؤلاء العلماء تجاه الغدیر وترصد الأسباب التی تجعل آراء هؤلاء العلماء مختلفة عن غیرهم وترصد أوجه التمایز بین آراءهم وآراء غیرهم تجاه الموضوع. لقد اعتمدت الدراسة علی المنهجیة الوصفیة التحلیلیة وبالنظر إلی المعطیات التاریخیة، لکی تبیّن أنّ علماء الأندلس کانوا تحت وطأة تیارات سیاسیة وثقافیة وطائفیة علی وجه خاص، ولهذا کانت لهم آراء مختلفة تجاه الموضوع. لکن أهملت جماعة هذا الأمر ولم توله الأهمیة اللازمة وجماعة أخری لم تهتم بالأمر واکتفت بتببن الحدیث الشهیر «من کنت مولاه فهذا علی مولاه» من دون الإهتمام بمضمونه وما یحمله من دلالات. لکنّ جماعة أخری أولت له إهتماماً کبیراً وتناولته بعقیدة وإیمان.

قد واجهت البلاغة شأن سائر العلوم فی العصر الحدیث، تطوّرات وتغییرات کثیرة، ودرسها الباحثون وحاولوا عرض مباحث جدیدة فی البلاغة العربیة، أو عرض مباحث بلاغیة فی ثوب جدید. ففی هذا المسار، ظهرت نظریة "بلاغة الحجاج" ضمن تیار حدیث فی اللسانیات الذی لا یعتبر وظیفة اللغة الأساسیة الوظیفة الإخباریة حتی قیل: لا تواصل باللسان بغیر الحجاج ولا حجاج بغیر تواصل باللسان، وبذلک وسعت نظریة بلاغة الحجاج. بمجالاته الشاسعة کثیراً من المباحث البلاغیة وهی تهدف إلی دراسة التقنیات الخطابیة التی تسعی إلی إثارة النفوس وکسب العقول عبد عرض الحجج. هذه المقالة باتّباع المنهج المتکامل لاسیما التحلیلی منه، تَجری تطبیق نظریة بلاغة الحِجاج، علی خطبة الغدیر، آخر ما ألقاه لسان النّبی (ص)، کطریق السعادة للبشر إلی یوم القیامة، وتبین مدی مطابقة الخطبة ومعاییر جمالیة فی نظریة بلاغة الحجاج، فمن أهم نتائج البحث التی تدل علی هذه المطابقة أنّ الروابط الحجاجیة فی السلّم الحجاجی للخطبة ـ وهو من آلیات شبه المنطقیة ـ نهضت بدورها تامة فی أحسن صورها کما جاءت فی الخطبة من آلیات الحجاج ألفاظ التعلیل واسما الفاعل والمفعول وأفعال لغویة وصیغ شرطیة فی غایة الإحکام أما الآلیات البلاغیة فأبرزها السجع والجناس والطباق التی لها دور ملحوظ فی الإقناع.

کانت رحبة مسجد الکوفة من أهمّ المنصات التی أطلق فیها أمیر المؤمنین مناشداته بحقه فی فجر الإسلام وبعد واقعة الغدیر. وبما أنّ واقعة الغدیر من أهم وقائع وأحداث تاریخ الإسلام التی استخلف الرسول فیها إبن عمه علی× وأظهره للعلن، فقد طلب أمیر المؤمنین فی مرّات عدیدة الصحابة الذین حضروا الواقعة أن یشهدوا بما رأت أعینهم وسمعت مسامعهم حول استخلافه من قبل الرسول الأکرم حین قال فی یوم غدیر خم: من کنت مولاه فهذا علی مولاه. ومن أهم وأشهر المواضع التی استشهد علی الصحابة، هی رحبة مسجد الکوفة والتی تسمی بالمناشدة. وتأتی أهمیة هذا الموضوع فی الإستناد به وإثبات أحقیّة علی× بالخلافة. تسعی هذه الدراسة أن تلقی الضوء علی شخصیات رواة هذه الواقعة عبر المنهجیة الوصفیة التحلیلیة وتتطرق إلی هذا الموضوع من خلال الإستناد إلی المصادر المختلفة. وما یمیّز هذا المقال هو التعریف بجمیع الرواة والشاهدین علی الواقعة بحیث فاق عددهم العدد الذی ورد فی کتاب الغدیر. فقد ذکرنا فی المقالة أکثر من 23 راویاً وأکثر من 28 سنداً فی هذه المقالة. ویری کاتب المقالة أنّ زمن حدوث هذه الواقعة لم یکن عام 35 کما هو معروف وإنّما هو نهایات عام 36 للهجرة.

«نظریة الولایة» هی خلاصة العرفان الإسلامی٬ و حدیث الغدیر یشکّل محور أدلة إثبات ولایة «ولی الله الأعظم» بالنسبة للإمام أمیر المؤمنین علی (علیه السلام) و سائر أئمة الشیعة. والحقیقة إنّ الغدیر هو الوصیة الأهم للقرآن و حامل الوحی الإلهی٬ و الذی یشکّل عصارة الإسلام و العرفان٬ و الذی یدعو الجمیع للانضواء تحت مظلة ولایة أمیر المؤمنین (علیه السلام)٬ مظلة العرفان و التشیّع. من هنا تخلع المصادر العرفانیة على «الولایة» مقاماً أشمل من النبوة٬ بل أرفع منها. و فی التصوّف تبدأ مع شهادة الحسن البصری على الغدیر٬ و تستمر فی صورة نظریة جامعة بدءاً بنظریة الإنسان الکامل فی العرفان النظری٬ وصولاً إلى التقنیة فی العرفان العملی. کما تتمظهر فی الأدبیات العرفانیة الفارسیة نظماً و نثراً٬ ضمن أنواع أدبیة بارزة٬ منها الغدیریات التی تمثّل أروع القصائد العلویة و الولائیة. کما تتجلّى فی «ولایت نامه» (کتب الولایة) و «فتوت نامه» (کتب الفتوة)٬ و الرسائل٬ و الملفوظات٬ بل و حتى فی حالات الکشف و الشهود التی تحصل للعرفاء و التی سوف نستعرضها فی هذه المقالة. تمت کتابة هذه المقالة بمنهج وصفیة وتحلیلیة.

تناول الإمام المنصور بالله الحسن بن بدر الدین موضوع (الغدیر) فی کتابه المُسمّى (أنوار الیقین فی إمامة أمیر المؤمنین «عَلیه السّلام») بشکل منهجیّ و أسلوب مُبدع، مُستعرضاً مسألة الغدیر عَبر ثلاثة محاور أصلیة، هی: إثبات وقوع یوم الغدیر و صحّة حدیث الغدیر؛ و دلالة یوم الغدیر على إمامة أمیر المؤمنین (عَلیه السّلام)؛ الخوض فی بعض الشبهات و الإشکالات من قِبل المُخالفین لعقائد الشیعة و الإجابة عن تلک الشبهات. وأمّا المنهج الذی اتّبعه المؤلّف فهو تذییل کلّ محور من تلک المحاور الثلاثة بمحاور أخرى فرعیة بما یتناسب مع المنطق و استمرار هذا المنهج طوال البحث. و قد عالج المؤلّف فی مقالته (حدیث الغدیر) کعالم من علماء الإمامیة فخرجت آراؤه و تفسیراته للحدیث متشابهة مع آراء الإمامیة و تفسیراتهم، مؤکّداً على تواتر الحدیث و القطع بذلک مع إثبات تواتره بالاستناد إلى مختلف النصوص من مصادر و رواة عدّة من الشیعة الزیدیة و أبناء العامّة، و کذلک إثبات دلالة الحدیث على إمامة أمیر المؤمنین (عَلیه السّلام) من وجوه متفاوتة.

واقعة غدیر خُمّ و المنطقة التی کانت مسرحاً لها تحظى بأهمیة عقدیة خاصة لدى الشیعة، تقع غدیر خُمّ فی منطقة الجُحفة٬ و اسم هذه المنطقة کان کثیر التداول فی المصادر الجغرافیة حتى القرن السابع٬ و لکن بعد هذا التاریخ آل مصیرها إلى الانمحاء و فقدت موقعها، و على إثر ذلک بدأت المصادر الجغرافیة تتجاهل الجُحفة و غدیر خُمّ تدریجیاً لدرجة أصبح الموقع الجغرافی للغدیر موضع خلاف بین الباحثین، فی هذه الورقة نسعى إلى تتبع المسار التاریخی لاستذکار هذه المنطقة و التحرّی عن أسباب اهتمام أو تجاهل المؤرّخین لخارطة الغدیر الجغرافیة، من خلال الرجوع إلى المصادر التی تناولت هذا الموضوع و لا سیّما المصادر الجغرافیة نؤشّر أربع أدوار مختلفة فی کیفیة تناول جغرافیا الغدیر و دور التحولات السیاسیة فی تعزیز أو إضعاف الاهتمام بهذه المنطقة، و الحقیقة أنّه مع نشوء الدویلات الشیعیة فی القرن الرابع بدأ الجغرافیون المسلمون و بوحی من المناخ الجدید إلى التحرّی عن المناطق التی تنطوی على نوستالجیا أثیرة لدى الشیعة٬ لینحسر هذا الاهتمام بجغرافیا الغدیر مرة أخرى بعد قیام الدولتین الأیوبیة و المملوکیة فی القرن السابع و اتباعهما سیاسات معادیة للشیعة، و بسبب تغییر هذه الدول لمسیر قوافل الحج و انتقال میقات الحاج المصری و الشامی من الجُحفة إلى منطقة رابغ٬ بدأت منطقة الجُحفة و بضمنها غدیر خُمّ التابعة لها بالانقراض و الاندثار و خلت من ساکنیها٬ و کان لذلک أکبر الأثر فی نسیان الموقع الجغرافی للغدیر و غموض موقعه،

تُعرَف الآیة السابعة و الستون من سورة (المائدة) بآیة التبلیغ٬ و تتناول موضوع ولایة الإمام علی (عَلیه السّلام) فی یوم الغدیر. و فی هذه الآیة یأمر الله سبحانه رسوله الکریم (صَلّى الله علیه و آله و سلّم) بتبلیغ ولایة علی (عَلیه السّلام) إلى جمیع الناس، و أنّه إذا لم یفعل ذلک فما بلّغ رسالة ربّه – رسالة الإسلام – قطّ. یحاول کاتب هذه المقالة بأسلوب وصفیّ و تحلیلیّ و منهج تطبیقیّ٬ و بالاستناد إلى آراء الفریقیْن، إثبات ارتباط آیة التبلیغ بولایة علی بن أبی طالب (عَلیه السّلام) فی غدیر (خم)؛ فثمّة موارد مشترکة بین تفاسیر الشیعة و أهل السنّة بشأن آیة التبلیغ٬ و کلّها تشیر بالفعل إلى ارتباط الآیة المذکورة بحادثة الغدیر و ولایة الإمام علی (عَلیه السّلام). و رغم اختلاف الفریقیْن حول مصداق قوله تعالى :  مَا أُنْ زِلَ إلّا أنّ الموارد المشترکة – و کما قلنا – یمکنها إثبات ولایة أمیر المؤمنین فی یوم الغدیر. وقد استنبط مُفسّرو الشیعة أصولاً رئیسة من آیة التبلیغ تتعلّق جمیعها بالغدیر و ولایة الإمام علی (عَلیه السّلام). و أهمّ دلیل على هذا روایات الفریقیْن التی تشیر إلى أنّ آیة التبلیغ تتعلّق بتعریف الإمام علی (عَلیه السّلام) کمولى و ولیّ فی یوم الغدیر٬ کما أنّها ترتبط بآیة إکمال الدین أیضاً. و قد نُقِلت تلک الأحادیث و الروایات عند الشیعة و أهل السنّة بشکل متواتر لا یقبل الإنکار.

إن حکایة العبد التاجر الواردة فی الباب الثانی من کتاب مرزبان نامه تحکی قصة عبد یمتهن التجارة عبر البحار بأمر من سیده ویتعرض فی طریقة لأحداث ممیتة یتمکن بدهائه من الخلاص منها لینال الملک فی نهایة المطاف. إن هذا العبد یمثل من ناحیة البعد الأسطوری لأدونیس وهو یرمز إلی إله الطبیعة الذی یختار الموت لأجل عباده لتتجدد بذلک الحیاة؛ وهو من ناحیة أخری یرمز إلی بطل النظام الاجتماعی الأباعد یغترب عن وطنه والذی ینال الملک فی أرض غریبة.

البحث الحالی عبارة عن دراسة لآراء ابن أبی الحدید فی واقعة الغدیر والنصّ الجلی على,خلافة الإمام علی× الواردة فی أشهر مصنّفاته أعنی شرح نهج البلاغة. أسلوب البحث وصفی وتحلیلی وینطلق من فرضیة أنّه على,الرغم من أنّ ابن أبی الحدید لا یرى,فی واقعة الغدیر نصًّا جلیًّا إلّا أنّه فی الوقت نفسه یؤکّد على,أهمیة الواقعة ویستعرض فی کتابه المذکور أمثلة مهمة لإقامة احتفالات عید الغدیر مع الترکیز على,طبیعة العقیدة الإمامیة بتلک الاحتفالات. یتوصّل هذا البحث إلى,أنّ ابن أبی الحدید المعتزلی یعترف بواقعة الغدیر وعبارات التکریم والثناء التی قالها رسول الله| فی حقّ الإمام علی× حتى,أنّه یستعرض من منطلق نظرة التسامح التی یحملها آراء کبار علماء الإمامیة فی مسألة النصّ على,خلافة الإمام أمیر المؤمنین×، ویذکر أدعیة رسول الله| المرویة فی حقّ الإمام أمیر المؤمنین×. کما أنّه یتناول فی کتابه شرح نهج البلاغة الاحتفالات التی یقیمها الشیعة فی یوم غدیر خم وفلسفة إقامتها، وهو الموضوع الذی قلّما تطرّقت إلیه المصادر غیر الإمامیة التی یعود تاریخها إلى,ما قبل حملة المغول. لکنّه مع ذلک یرفض الإذعان للروایات التی تشکّل نصًّا جلیًّا فی إمامة الإمام علی× ویجد له فی التأویل مهربًا.